الجمعة، 16 فبراير 2018

فبراير ماضية وستمضي


احيانا لا تتمكن الثورات من استكمال اهدافها نتيجة لتطورات تحدث في المشهد السياسي والاجتماعي والمالي للبلاد , فتتدهور الحياة فيها وتنشب النزاعات الداخلية وينمو التطرف وتعيش فيه اطراف على حساب اطراف اخرى وتمارس التسلط واقصاء الاخر لكي تتفرد بالسلطة .
في ليبيا بدأت الثورة باسقاط النظام وخروج الناس الى الشوارع في مظاهرات سلمية ابى فيها النظام الا بوأد هذ الثورة فقاوم التظاهر السلمي بالسلاح فكانت الارهاصات للثورة في مدينة بنغازي في يوم 15 فبراير 2011 على خلفية احداث سجن ابو سليم ومطالبة الاهالي بمعرفة الجناة ومحاكمتهم للتصاعد نحو انتفاضة شعبية تقود البلاد الى اسقاط نظام جثم عليها 42 عام ولم يحقق الا القهر والاستعباد والفساد وضياع اموال البلد جراء دعم حركات الارهاب التي يقول عنها بانها حركات تحرر وايضا تغيير الانظمة في القارة الافريقية وتجسيد حلمه بتولي نفسه امبراطور وحاكم افريقيا .
هذه التامور لا تلقي لدى الليبيين اي اهتمام لانهم يريدون بناء دولة متقدمة لها نصيب وافر من بيع النفط والاستثمارات بالخارج سواء في افريقيا او بعض الدول الاروبية وغيرها , ولان الشعب لم يتحصل على اموال وارباح من هذه الموارد فهو يرى ان خير ليبيا لخارجها ولهذا رأ ان انه لابد ان ينتفض خاصة وهم يعي ان من يخالف القذافي وكتابه الاخضر وارائه وطموحاته فمصيره السجن او التصفية الجسدية , وما امر من مرور لمحة تاريخية على مجزرة ابوسليم , وضياع مئات الشباب في قتال في تشاد واوغندا , وتضيع الاموال على قضايا لم تجني على ليبيا الا بالماسي والحصار مثل قضية لوكربي ومقهى برلين والطائرة الفرنسية , وزد على ذلك دخول القذافي على منابر المساجد واصدار الفتاوي والاستهزاء بالني محمد صلى الله عليه وسلم والتي لا يذكر القذافي الا بقول محمد لا بالصلاة عليه ولا باستقدم مرتبته كنبي او رسول الى استحداثه فتوى عجيبة بترك قل في سورة الصمد والمعوذتين .
هذه الظروف وغيرها من قلة الخدمات وسوئها في قطاعات الصحة والتعليم والخدمات العامة دفعت بان تخرج الناس مطالبة باسقاط النظام في ظل عدم وجود حرية التعبير واستفحال مراكز القوى بين القذافي وابنه والمؤيدين لهم , انتشر توسع رقعات المؤيدين باسقاط نظام والذي يدعي بانه جماهيري وان السلطة للشعب وهم يقمع المتظاهرين في ميدان الشهداء بطرابلس بعد تاييدهم لانطلاق الثورة في بنغازي وتألمهم لما يحدث في بنغازي ومحاولة نجل القذافي الساعدي ومدير مخابراته وعديله عبد السنوسي من وأد الثورة فيها , فجأة اتسعت دائرة الثورة واصبحت تتمدد وتنتقل الى كل المدن الليبية وانتصرت الثورة بتحرير العاصمة 20 اغسطس لتنتقل المعركة الى خارج العاصمة في مدينة سرت وبني وليد ويقتل القذافي من قبل الثوار بعد قصف الناتو لموكبه في يوم 20 اكتوبر وليعلن يوم 23 اكتوبر يوم تحرير ليبيا من نظام عسكري قمعي ديكتاتوري ولتتجه ليبيا باعلان دستوري تم اعلانه من المجلس الانتقالي الذي بدأ في بدايات ثورة فبراير بادارة البلاد يقوده المستشار مصطفى عبد الجليل مع مجلس تنفيذي قاده الدكتور محمود جبريل ثم تنتقل ليبيا الى مرحلة ديمقراطية ولاول مرة يرى الليبيون صناديق الانتخابات في عام 2012 ويتم انتخاب اعضاء المؤتمر الوطني الذين قادوا البلاد في تلك الفترة وسط تعدد حكومات ترأسها عبد الرحيم الكيب . ثم علي زيدان وبعده عبد الله الثني , وعمر الحاسي , وخليفة الغويل ولتدخل ليبيا مراحل الانشقاق والذي نتج عنه مجموعة فبراير بعد مظاهرات لا للتمديد التي طالبت بالضغط المؤتمر الوطني مبررة بانتهاء صلاحيته في 7 يوليو 2014  لتنطلق بعدها انتخابات مجلس النواب ويحدث الانقسام بالرغم من حكم المحكمة العليا ويبقى تصنيف الانشقاق على اساس انه بين الاسلام السياسي وبين الليبيراليين , وتدخل ليبيا في انمتخابات الهيئة الدستورية لصياغة الدستورية على امل انهاء الانشقاق السياسي وخروج جسم جديد الا انه الى الان لم يتم الوصل الى هذه الغاية ولا لاعتماد الدستور في مجلس النواب وعرضه للتصويت من قبل الشعب , وتبخرت احلام الليبيين في الحل خاصة مع تزايد وتفاقم الازمات بعد فشل اتفاق الصخيرات في الوصول الى حل ومانتج عن الاتفاق من تداعيات ارهقت كهل المواطن بعد ان تضخمت ازمة السيولة وارتفاع اسعار العملات الاجنبية مقابل الدينار الليبية وتفاقم ازمات الكهرباء والوقود ونشوب معركة الكرامة في نوفمبر 2014 وتفجر بعدها عملية فجر ليبيا واخرها حرب البنيان المرصوص ضد داعش .

هذه الاحداث زادت من الام الليبيين ودفعت بهم الى الاحباط والسلبية خاصة وان البعض رأى ان حلم الثورة قد تبخر وان الامر زاد سوء , رأى الاخرى ان ثورة مضادة تحاول القضاء على ثورة فبراير تقودها عملية الكرامة في توازي مع انصار النظام السابق , في ظل ذلك مازالت ليبيا تعاني وتدفع العديد من الطعنات التي تسدد لها جراء التدخلات الاجنبية ومحاولات العصابات المتاجرة بالهجرة الغير شرعية والارهاب ان تجعل من ليبيا بؤرة متوثرة تعيش الفوضى والانهيار وسقوط الدولة واختفاء الامن والامان . يبقى حلم المواطن بأن يعيش في آمان وبقوت يومه متنعما بحلم ثورة يتمنى ان يراه يتجسد بنجاح على الارض , خاصة وان هناك الاف من الشهداء سقطوا والاف من المصابين والجرحى وايضا من المفقودين .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق