الاثنين، 8 يونيو 2015

كلمة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا برناردينو ليون في جولة الحوار السياسي الليبي في الصخيرات، المغرب 08 يونيو 2015


سعادة السيد رشيد الطالبي العلمي رئيس مجلس النواب
سعادة السيدة مباركة بويدة الوزير المنتدب لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون
المشاركون الأعزاء في عملية الحوار السياسي الليبي،
أصحاب السعادة،
السيدات والسادة
السلام عليكم،
اليوم، أنظار الشعب الليبي جميعها مسلطة عليكم، ملأى بالترقب، ملأى بالأمل بأن تُكمم كلماتكم وأفعالكم أفواه البنادق التي جلبت الدمار والآلام التي لا حصر لها على عدد كبير من الأرواح..
اليوم، أنظار الأمهات في كافة أرجاء ليبيا مسلطة عليكم، دعواتهن أن تضع كلماتكم وأفعالكم حداً للمعاناة التي تكبدنها طوال معظم العام المنصرم.... الذي قضينه في قلق مستمر إذا ما كان بإمكانهن توفير الطعام الكافي لأطفالهن، أو في التأكد من أن لديهن الدواء الصحيح لعلاج أطفالهن...
اليوم، هناك آلاف مؤلفة من الليبيين مهجرين من ديارهم في أجزاء مختلفة من البلاد، فيما لاذ مئات الآلاف الآخرين بالبلدان المجاورة في محاولة يائسة للهرب من القتال في بلادكم.... اليوم تتجه أنظارهم نحوكم، نحو هذا التجمع، على أمل أن تسمح كلماتكم وأفعالكم لهم بالعودة إلى ديارهم وبلادهم...
السيدات والسادة،
ما من شيء تفعلونه اليوم يمكنه أن يزيل في يوم من الأيام الآلام التي ألمّت بشعب ليبيا خلال العام المنصرم....
لكن الأمر في أيديكم، وأيديكم أنتم فقط، أن تنقذوا شعب ليبيا، هذا الشعب الذي تمثلونه في البلدات والمدن في كافة أرجاء ليبيا.... في أيديكم أنتم أن تنقذوه من المزيد من المآسي
الأمر في أيديكم، وأيديكم أنتم فقط، رأب الصدع الذي قسم ومزق بلادكم.. أن تعيدوها بثبات إلى مسار الديمقراطية .. وان تستأنفوا العملية الصعبة لبناء دولة مدنية حديثة قائمة على سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان.
السيدات والسادة،
اليوم، يتطلع شعب ليبيا إلى هذا التجمع وأنظارهم موجهة صوبكم، يحدوهم الأمل في أن تنقذوا بلدكم من ويلات النزاع الذي طال أمده ومن حملة الإرهاب والدمار التي تشنها الجماعات المتطرفة والإرهابية في محاولة لتعزيز سيطرتها ونفوذها في أجزاء مختلفة من البلاد…
فالهجمات الإرهابية الأخيرة وغيرها من الهجمات التي شنتها هذه المجموعات من درنة إلى القبة، ومن سرت إلى مصراتة إلى طرابلس إلى سوكنة في الجنوب ومناطق أخرى في البلاد ينبغي أن تكون بمثابة نداء يقرع ناقوس الخطر الحقيقي الذي يواجه بلدكم.
السيدات والسادة،
اثني على البأس والتصميم اللذين أظهرتموهما جميعاً للقتال من أجل حماية بلدكم ومصالحه، من أجل تحقيق مستقبل أفضل لأطفالكم.
فبعد خمسة أشهر من المفاوضات الطويلة والصعبة، غرستم إحساساً بالأمل لدى شعب ليبيا بأن التوصل إلى حل سلمي للنزاع في ليبيا ممكن
لقد حان الوقت أخيراً الآن لاتخاذ قرار أكثر صعوبة لتحقيق السلام والبدء في العملية الرامية إلى تحقيق المصالحة الوطنية.
قريباً، سوف تتسلمون أحدث مسودة للاتفاق السياسي المقترح الذي كان في صلب المناقشات التي أجريتموها على مدى الأشهر القليلة الماضية. وكلي أمل في أن تمثل هذه المسودة حلاً عادلاً ومعقولاً يدفعنا للمضي إلى الأمام ومن شأنه أن تسترشد به عملية التحول الديمقراطي والسياسي في البلاد إلى حين اعتماد دستور دائم.
إذ تقدم المسودة الحالية رؤية للهيكل المؤسسي المؤقت والترتيبات الأمنية التي سوف يقوم عليها ما تبقى من الفترة الانتقالية. وهي تركز على تزويد هذه المؤسسات بالقدرة والأدوات اللازمة للحكم بشكل فعال في الوقت الذي تضمن فيه التزامها بمبادئ الديمقراطية والفصل بين السلطات والضوابط والموازين المناسبة.
وفي حين أنه غني عن القول إنه من غير المرجح على الإطلاق أن تلبي أية مسودة جميع توقعات الأطراف المختلفة في السياق الليبي الحالي، فأنا واثق أن المسودة الحالية تقطع شوطاً طويلاً نحو إقامة أرضية مشتركة للتوصل إلى اتفاق سياسي عادل ومعقول قائم على توافق الآراء والتوازن والشمول، وذلك بإمكانه أن يمهد الطريق لاستئناف العملية الديمقراطية في بلدكم. فهذا ليس اتفاقاً للفائزين أو الخاسرين، بل هو اتفاق المنتصر الحقيقي الوحيد فيه هو شعب ليبيا.
السيدات والسادة،
أمامكم فرصة فريدة لاستعادة بلدكم من حافة النزاع الذي طال أمده ودوامة العنف التي لا نهاية لها.
الحل الوحيد المتاح امامكم للمضي قدماً هو التكاتف والعمل جنباً إلى جنب في صياغة المستقبل، وإعطاء فرصة لشعب ليبيا وجميع الأطراف المعنية والمؤسسات وكذلك الجيش لفتح صفحة جديدة. ولكي يحدث هذا، يجب أن ينتهي الاقتتال. وهذا تعهد يرتكز دوماً على شعور مشترك بالانتماء. فبغض النظر عن الانتماءات والولاءات السياسية، فإن مصير الشعب الليبي سيكون على الدوام غير قابل للتجزئة.
الأمر الهام للغاية هو الاتفاق بينكم من المجتمعين هنا اليوم بشأن حكومة وفاق وطني تمثل جميع الليبيين، يمكنها أن تبدأ العمل بسرعة لتولي مسؤولياتها في التصدي للتحديات الصعبة العديدة التي تواجه بلدكم، والعمل على تحقيق الاستقرار واستعادة السلام في البلدات والمدن في مختلف أنحاء ليبيا، بدءاً من العاصمة طرابلس.
كما يتعين أيضاً اتخاذ الخطوات اللازمة بسرعة لوقف إراقة الدماء في بنغازي التي عانى شعبها معاناة لا حد لها بسبب النزاع، والتي أكسبتها التضحيات على مدى السنوات - بحق - شرف استضافة مجلس النواب على النحو المحدد في الإعلان الدستوري.
السيدات والسادة،
أغتنم هذه الفرصة لأؤكد لكم أنكم تحظون بالدعم القاطع من جميع المسارات الأخرى لعملية الحوار السياسي الليبي: من رؤساء البلديات، إلى ممثلي الأحزاب السياسية والنشطاء السياسيين والنساء والناشطين الشباب وزعماء القبائل.
من المهم أيضاً إشراك الجهات الأمنية على جميع الجوانب. فمن دون دعمها الفعال لهذه العملية، من غير المحتمل أن يكون بالإمكان إحراز تقدم ملموس نحو تحقيق الاستقرار الشامل. وفي هذا الصدد، أود أن أغتنم هذه الفرصة لأشيد بمبادرات وقف إطلاق النار المختلفة التي تم اتخاذها، وأن أثني على جهودهم المبذولة لاحتواء التهديد المتنامي لمجموعات من قبيل الدولة الإسلامية. وليس من قبيل المصادفة أنها أصبحت على نحو متزايد أهدافاً لهجمات إرهابية جبانة من قبل هذه الجماعات.
السيدات والسادة،
عند مراجعة المسودة التي أمامكم، أحثكم جميعاً على استحضار الروحية اللازمة والتحلي بالمرونة والتسامح والتراضي من أجل التوصل إلى اتفاق نهائي.
أطلب منكم تفادي البيانات أو الأفعال التي تقوض روح المسؤولية الجماعية هذه، وأن تتمسكوا بالمصلحة الوطنية وتضعوها فوق كل الاعتبارات الأخرى، وأن نلتئم قريباً لإنجاز هذه العملية بمجرد أن تسنح لكم جميعاً الفرصة للتشاور مع دوائركم وصياغة رد رسمي.
ويجب ألا يكون هناك أي لبس: إن التوصل إلى اتفاق سياسي لن يكون سوى الخطوة الأولى نحو التعافي وإعادة الإعمار والمصالحة. حيث ستبدأ بعد ذلك عملية التنفيذ الصعبة والمعقدة. لكن كونوا على ثقة، أنكم لن تحصلوا على دعم كافة الأطراف الليبية المعنية فقط بل أيضاً على دعم الأمم المتحدة والمجتمع الدولي الأوسع.
لندع التاريخ والشعب الليبي يحكمان على شجاعتكم رجالاً ونساء، شباباً وشيباً، نجحت جرأتهم وشجاعتهم وتصميمهم أخيرا ًفي إحلال السلام في بلادهم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق