السبت، 8 أغسطس 2015

الاعلام في ربيع الثورات العربية


الإعلام قد يبدو حراً في دول الربيع العربي وغيره من الدول الديمقراطية  ولكنه  في واقع الأمر  يخضع لسلطة من يمتلكه شركات أو أفراداً , حتى الولايات المتحدة التي تتفاخر بإعلامها الحر معظم وسائل أعلامها تمتلكها مجموعة من العائلات وكذلك الشركات التجارية والتي تمتلك بدورها صحفاً وتلفزيونات وإذاعات موجهة لخدمة مصالحها  رغم تبجحها بالحرية والديمقراطية والتعددية الإعلامية، وخدمة الجماهير , ولا ننسى أيضا إمبراطور الاعلام روبرت ميردوخ  الذي يمتلك لوحده مؤسسات إعلامية كبيرة تشمل التلفزيونات والصحف والمجلات العابرة للقارات, ويوجد مثله كثر في أمريكا وبريطانيا وأوروبا وأستراليا.
ولكن ما نراه في الشرق الآن هو سحب شبكة الإنترنت البساط من تحت وسائل الإعلام التقليدية، وأضحت تحت يد الشعوب  , وجعلت مرحلة التحرر الإعلامي الحقيقية تنطلق مع مواقع التواصل الاجتماعي ( فيس بوك ,, توتير ,, يوتيوب ) التي أثرت في مسيرة الاعلام بالمنطقة والعالم, والتي جعلت من الإنسان العادي يدخل في صناعة الإعلام لأول مرة بعد أن كان لعقود تصنعه وسائل الإعلام المملوكة للدول والشركات والأفراد , فتحول كل إنسان إلى ناشر ودون تحكم من الذين يحاولون إدارة السيطرة الإعلامية كما عهد سابقا ولعهود .
وأضحى الفيس بوك مؤسسة إعلامية تجمع النص والصورة والفيديو وبدون دفع أي أموال كبيرة في الحصول على المعلومة ولا لحاجة لمقر ولا أدوات ومعدات كبيرة وهائلة ولا موظفين وإدارات, بل وان أصبحت مؤسسة كبيرة في ربيع الثورات العربية وتنقل منها المؤسسات الإعلامية الكبيرة وهو منعرج جديد في أسلوب التعاطي الاعلامي , نظرا لعدم قدرة هذه المؤسسات الدخول الى هذه المواقع والتي تعتبرها هذه المؤسسات خطرا على عامليها وعلى تواجدها وقد يكلفها الكثير من الأموال من تأمين ودورات تأهيلية خاصة وألبسة وأجهزة ومعدات إعلامية خاصة وغيرها , ولا تستهلك وقتا طويلا في الحصول على المعلومة بل تصلها بأسرع وقت وفي ارتياح , ولكن هذا يتوقف على توفر الشبكة العنكبوتية الانترنيت .
والمشجع للأمر أن المواطن أضحى مراسلا حربيا ومراسلا للأخبار المحلية ورئيس التحرير ومحررا وكاتبا وصاحب رأي وكاشفا للفساد في عمله او في مكان يعرفه ويتردد عليه , وما يجعلك تستغرب الأمر بأنه يتحرك بهاتفه النقال ينقل الصورة وأحيانا ينقل الخبر ويرسله او مكالمة من عين المكان وبسرعة وقد يكون أثناء الحدث والأصح بدون رقيب أو مصصح لغوي أو رئيس تحرير أو مشرف صفحة , يعني خارج ربقة الرقابة وبسرعة ومرونة .
ولكن في الاتجاه الأخر يحاول البعض إرساء المهنية الإعلامية وشرف المهنة ففي الأغلب أن هناك نقل عبر وسائل الاتصال الاجتماعي قد يكون غير منزه وصادق بل يأخذ اتجاها ذو منفعة وردود أفعال شخصية مما يؤثر على سير اتجاه الاعلام الجديد , كما أن رجال الاعلام السابقين يرون انه يمكن ان يسرق الانترنيت من حيث صفحات التواصل الاجتماعي الناس ويبعدونهم أو يجذبونهم بعيدا عن الاعلام التقليدي مما يفقدهم وظائفهم وسيطرتهم الساحرة على عقول الناس كما كان في السابق , خاصة بعد صعود الاعلام الخاص بالرغم من سيطرة الاعلام الحكومي بصورة كبيرة كانت على المنطقة , ورؤيتهم للناس وتصاعد موجة استقلالية الاعلام وتشكيل رأي عام جديد دون تمجيد الأشخاص والحكومة والدفاع عنها حتى عن خطأ ويبحث عن هموم المواطن وطموحاته بعيدا عن التملق والمدح الكاذب وغيره , ولكن قد تزداد الفجوة بين وسائل الاعلام الحكومية والناس مما يجعل هناك فورة قد تتجه نحو الاحتجاجات والمظاهرات والاعتصامات وغيرها من وسائل الاحتجاج ويزداد الاحتقان فقد ينفجر الموقف وخاصة ان الشعوب تمردت على حكامها ودفعت ضريبة كبيرة كما حدث في ليبيا فلا تجد للخوف مكانا عند الكثير من أهلها .
وقد أصبحنا نرى العديد من الاحتجاجات تكون عبر دعوات تكتب على صفحات التواصل الاجتماعي ويتشكل رأيا عاما يخص الشعب يتفاعل بصورة أحيانا كبيرة  لا دخل للحكومة به وقد يؤثر على الحكومة في إصدار قرار أو إلغائه .
وأحيانا يتم بعت رسائل للعالم من خلال التفاعل مع منظمات حقوقية وإنسانية دولية لكي يتم إبراز قضية ما أو يراد منها التفاعل بقوة للضغط على الحكومة وقد يكون عبر اليوتيوب أو التغريدات على موقع التوتير وينتشر الخبر أو الحدث بسرعة البرق ويلتقطه الملايين ويشكل رأيا عاما يعمل على توصيل وإيضاح حقيقة ما , ورأينا كيف تدخل العالم في مناصرة بعض القضايا ومنها ثورات الربيع العربي عبر ذلك .
ولا ننسى انتشار الإذاعات وإدارتها من قبل مجموعات من الشباب تحاول فك التسلط الاعلامي ولكن قد يكون هؤلاء الشباب دون دراية بأنهم ممنهجون او يقادون بأفكار لا تهم مصلحة الوطن وإنما النفعية الشخصية أو الحزبية أو المحيط الخارجي .
وأخيرا فإن مسيرة الاعلام الجديد تعتبر جديدة لما اقترن باسمه ولكن اعتقد ان بشائر التغيير على المنطقة العربية بدأت في الظهرة فهناك الكثير والعديد من وسائل الاعلام التي بدأت تنتشر بعيدا عن الصيغة التقليدية وبنهج جديد متحرر ومتمرد على واقع كنا نعيشه اجتماعيا وثقافيا وسياسيا واقتصاديا وتجاريا أيضا أي على كل الجوانب والأصعدة ومتاحا بعدد كبير من القنوات والوكالات الإخبارية والصحف والمجلات على المواقع الالكترونية وبأيسر الطرق وبما ندر من مال .




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق